الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه.
بعث الله نبيه محمدا-صلى الله عليه وسلم- خاتما للنبيين, وهاديا للناس أجمعين, وأمره باتباع شريعته, فقال- تعالى- في سورة(الجاثية: 18-19 ): " ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين".
وبعد أن تخلصت ليبيا من طاغوت العقود الأربعة الماضية الذي أوردها المهالك, وجعلها في ذيل قوائم الدول المنتجة, وفي طليعة قوائم دول الفساد السياسي, والاقتصادي, والاجتماعي, حيث أطلقت أيدي الفاسدين في دواليب الدولة, وأدخل المخلصون الشرفاء السجون, وشردوا, وقتلوا, وشنقوا, مع أن النظام كان يدعي تحكيم شريعة القرآن , فبعد ذلك كله يتم اليوم- بحمد الله- وفي الذكرى السادسة لثورة السابع عشر من فبراير المباركة, تعديل القوانين الليبية بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية, ويفتح باب الفتوى بدار الإفتاء على مصراعيه أمام الليبيين بالمدن الليبية بالاتصال المباشر, وبالهاتف, وتصدر عنها آلاف الفتاوى مطبوعة ومنشورة في الشبكة العنكبوتية, كما تنشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الليبية مطبوعتها الفصلية (مجلة الهدي الإسلامي) ومئات البحوث, والرسائل الجامعية التي توقظ في المواطن روحه الإسلامية, وتدفعه إلى الاستمساك بدينه, كما تنطلق المعاهد الشرعية في ربوع ليبيا لتخريج حملة الشريعة والدين نقيا من شوائب الغلو والتطرف. ولعلنا قريبا بإذن الله نرى انعكاسا لشريعتنا على سلوكنا, وتتحول بلادنا من طليعة قوائم دول الفساد إلى طليعة قوائم الدول المنتجة , فإنه لا يصلح أمر أمتنا إلا بما صلح به أولها , ولن يرضى عنا خصومنا مهما قدمنا لهم من تنازلات عن ديننا لإرضائهم , وما ينبغي لنا تشويه ماضينا الوضاء, ولا تضييع أحفادنا في مزالق الكفر والفجور, وكما قال الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته". ولله در القائل:
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع
رحم الله شهداءنا الموتى, وشفى الجرحى, ورعى اليتامى, والأيامى, والثكلى, وحفظ الله ليبيا والليبيين, والإسلام والمسلمين أجمعين, وألف بين قلوبهم. والله ولي التوفيق والقادر عليه, ولن يضيع أجر من أحسن عملا.