الصيام ركن من أركان الإسلام التي لا يجوز هدمها. وقد فرضه الله على الأمم السابقة, كما بينت آيات الصيام. قال-تعالى-:" يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" وقد تهاونت الأمم السابقة في أداء هذه الفريضة, فزادت فيها, ونقصت منها, ونقلتها من وقتها إلى أوقات أخرى. والمسلم لا يفرط في أداء الصيام على الوجه الشرعي المطلوب, وبينت له الشريعة أحكامه, وماذا يصنع إن كان لديه عذر يمنعه من الصيام.
ولكل عبادة حكم عظيمة يعرف بعضها المسلم, ويجهل بعضها الآخر. والمسلم مطالب بأداء العبادة على كل حال سواء أعلم حكمتها أم لا. وقد بينت الآية المذكورة آنفا حكمة للصيام وفائدة مرجوة منه ألا وهي تقوى الله-جل وعلا- وهوما يعني الاستقامة والصلاح, وبهما يتكون المواطن الصالح العامل لربه ووطنه, الذي يشبع حاجاته الروحية والبدنية بشكل متوازن. ومن عظم أمر الصيام أن الله جعله فريضة خلال نهار شهر مضان, وأذن للمسلم أن يأخذ بهذه الشعيرة في غير رمضان , كما كان يفعل النبي-صلى الله عليه وسلم- في أدائه لأركان الإسلام بمزيد من مثلها تقربا إلى الله, وجبرا لما قد يفسد من العبادة, والتماسا لحكمها المعلومة وغير المعلومة للناس.
ومن حكم الصيام التي نبهت عليها السنة النبوية الشريفة الصحة والعافية. ويتأكد ذلك بالتوجيهات النبوية التي تحذر
من إثقال المعدة بالطعام والشراب. ومن ذلك حديث المقدام-رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم-أنه قال:" ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه. حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه, وإن كان لابد فاعلا, فثلث لطعامه, وثلث لشرابه, وثلث لنفسه" ومن الآثار الواردة والمصرحة بذلك دون لبس أو غموض الحديث الضعيف:" صوموا تصحوا". وإذا ثبتت صحة هذا الأثر, فإن اتخاذ الصيام وسيلة للعلاج من الأمراض حقيقة لا يمكن نكرانها. وبعض المصادر تقدم لنا شهادات لأطباء يعترفون بأثر الصيام في علاج طبي ناجح لأمراض كثيرة. ولا غرابة في ذلك, ولكن يحق لنا أن نطالب المسؤولين والباحثين في مجال الصحة أن ينشروا هذه الشهادات, ويقدموا لنا دراسات علمية عن الصيام خدمة للإسلام والمسلمين . بل من حقنا أن نسأل عن إقامة جمعيات طبية للدعوة إلى الصيام والعلاج به , ومقاومة تيار الشهوات والمغريات الذي يجتذب الناس لمجرد التشهي وتلبية الرغبات.