مواقف مشرفة وأخرى مؤلمة
ما زال الطاغية المهزوم يسعى حثيثا إلى حتفه بالضغط على زبانيته ليواصلوا الحرب, ويخدّروا أتباعهم بنصر موهوم يبلعون معه مرارةالأسر والقتل، حاثا أعوانه على بذل المزيد من السلاح والطيران المسيّر لقصف المناطق المدنيّة، ضاربا عرض الحائط بالقوانين الدولية المحرّمة لجرائمه؛ فالبعثة الأممية لا تحرك ساكنا لمدنيّ معتدى عليه، ولا لعسكري، ولا لسياسي ذي حصانة، ولا لمواطن عادي، ما دامت الدول الكبرى تصمّ آذانها عن عدوانه " ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون " (التوبة:32).
فما موقفنا نحن المعتدى علينا ؟
- منا من هبّ يفدي الوطن الجريح بروحه ودمه.
- ومنا من هبّ يجاهد بماله وعرق جبينه,
وهؤلاء وأولئك هنيئا لهم بما يبشرهم به ربهم من الصفقات الرابحة :
" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون " (التوبة:112 ).
" يأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين " (الصف:10-13) وفي الحديث الشريف:" ومن جهز غازيا فقد غزا ".
- ومنا من يجاهد بعلمه ولسانه وقلمه، يزرعون المعرفة والعلم والرأي السديد والفكر والوعي.
- ومنا السياسيون الذين يدافعون عن الوطن بدبلوماسيّتهم وعلاقاتهم الدولية لدفع الشر، وكسب المواقف المؤيدة لعاصمتنا بالسلاح.
- ومنا رجال الشرطة والموظفون والعمال في كل القطاعات بحرصهم على أداء أعمالهم تدب الحياة والنشاط في أرجاء طرابلس الكبرى، وتنتظم الحركة، ويسود الأمن، والحمد لله.
- ومنا المسعفون والأطباء في المستشفيات الميدانية والعيادات الصحية، وهؤلاء هم اللقمة السائغة عنده.
ولكل نصيبه من العزة والثواب والفضل بقدر إخلاصه وجهده. " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " (التوبة:105).
ونذكّر أنفسنا بأن فينا ومنا من: يبدّد المياه، ويستهلك الطاقة الكهربائية بإفراط ، ويسعى للكسب على حساب الجرحى، ويرخي العنان لفرسان السيارات اللاعبين بها أمام الفندق الكبير، وهم على مرمى حجر من ميدان الشهداء، حيث الأحرار والحرائر يتظاهرون، ويعتقل فرسان ميادين الوغى بدعوى الإرهاب، ولو فكّ أسرهم لكان لهم في الجبهات أدوار بطولية مشهودة. وفينا متقاعسون عن أعمالهم، ومخذّ لون لرجال الوطن، ومتهافتون على الروائح الباريسية، وعلى الحجر الفرعوني، ولو قدرنا للمعركة قدرها الحقيقي لقاطعنا بضائع الدول الداعمة للطاغية اللعين، فللحرب اقتصادها، وترشيد الاستهلاك أمر مطلوب.